اليمني الجديد - زهراء باعلوي
يا الله، هذه الصورة خلاصة مكثفة لمأساة الحرب اليمنية، شاهدتها وأوجعتني كثيرًا، لو أنه ما يزال لأطراف الحرب قليل من الضمائر الحية، لكانت الصورة كافية لإطلاق سراح كل الأسرى المتبقين القابعين في السجون ومن كل الأطراف وفي كل السجون اليمنية ودونما قيد ولا شرط.
دموع الفرح في خدود الفتاة تكشف حجم الزمن الذي قضته في انتظار هذه اللحظات، لكأنها كانت قد يئست من خروج أبيها، وحين رأته لم تكد تصدق أنه هو، احتضنته بشدة كي لا يفلت منها مرة ثانية، كي ترمم جرح غيابه الطويل.
لا حاجة لكثير من الكلام في حضرة هذا المشهد، أتمنى من الساسة وأطراف الحرب أن يتأملوها ويضعوا أنفسهم في مكانها. تخيل أنك المختفي وأن هذه ابنتك، وبعد سنوات من اختفاءك ظهرت وعانقتك بهذا الشكل حتى سرت القشعريرة في بدنك. تخيل هذا لتكتشفوا حجم الآلام التي خلفتها الحرب وتبدأوا بترميمها وتضميد الجروح الغائرة في المجتمع.
هذه لحظة بالغة الدلالة، وعلى اليمنيين أن يفكروا بكل السبل لحلحلة خلافاتهم فيما بينهم وبناء جسور الثقة والبداية من الجانب الإنساني؛ ليكون مقدمة لتسوية شاملة تنهي الحرب وتعيد تطبيع الحياة المدمرة. لا أحد سيقف معكم إن لم تقفوا مع أنفسكم ولا تنتظروا حلًا يأتيكم من الخارج ما لم تكونوا قادرين على حل مشاكلكم بأنفسكم والتنازل لبعضكم. فمهما بلغت خصومتكم تبقون أبناء بلد واحد ولا حل أمامكم سوى التعايش فيما بينكم وتدبر طريقة للحياة معًا بسلام.
وتبقى: مبادرات تبادل الأسرى نشاط إنساني نبيل علينا دعمه وبقوة، دون النظر لهوية الأسير أو أي تفاصيل تتعلق بالسياسة، وهو المبتدأ لفتح نوافذ حل شامل للصراع في بلادنا.