لماذا كل هذا الترويج للمثلية؟ ترويج إعلامي، برامج غنائية، منصات إلكترونية، دوريات كرة قدم، أفلام للكبار وللصغار، شخصيات مشهورة، احتفالات، أينما التفت تجد ترويجاً كبيراً وهجوماً قوياً على كل من ينتقدها؟! لماذا هذا كله؟! ما هي القيمة التي تستحق هذا كله؟ هل هي الحرية فعلاً كما يقولون؟ إذن فأين قضايا الحرية الأخرى؟ أو ليست السجون في بلادنا العربية مليئة بسجناء الرأي؟ آلاف وآلاف يذوقون التعذيب في السجون لأنهم طالبوا بالحرية والديمقراطية! لو أن هؤلاء وجدوا فقط 1% من حملات المثلية لرضخ المستبدون، عشرات القضايا من انتهاك الحرية تتوزع العالم كله ولا صوت يتحدث عنها، بل دعم خفي لانتهاكها!!
إذن فلماذا المثلية تحديداً تأخذ كل هذا الضجيج؟!
من أهم ما تطرحه الفلسفة الإيمانية الدينية ضد المادية الإلحادية، هو موضوع الأخلاق، وأنه لا يمكن أن تكون جذورها مادية، وإنما لها بُعدٌ ما ورائي، وبالتالي وجود إله، وهذا هو ما يفسر أخلاقيات البشر في الخير والشر، فإن لم يكن هناك إله فكل شيء مباح كما قال الروائي الروسي "دوستويفسكي"، وبدون إله لن يكون هناك نظام أخلاقي كما قال الفيلسوف الألماني كانط، وبدون الإله لا يمكن ضبط القانون الأخلاقي كما قال الفيلسوف الإنجليزي جون لوك ...الخ.
في المقابل يحاول الماديون تفسير النظام الأخلاقي بالمنفعة التي لا تتصل بأي بُعدٍ وراء المادة، ولما كانت المثلية وكذلك زواج المحارم من القضايا التي وقفت عائقاً أمامهم -لأن تفسيرهم المادي للأخلاق لا يستطيع تفسير رفض الإنسان لها- ذهبوا باتجاه قبولها بل وترويجها، وتطبيع المجتمعات بها ولو قسراً.
وإذا كان الدور هذه المرة على المثلية فإني أتوقع أن الدور القادم سيكون ترويجاً لزواج المحارم بنفس القوة، زواج المرء من أمه أو أخته أو ابنته، لأن لها نفس الأبعاد وتمثل نفس الإشكال، وإذا انتكست الفطرة أمام هذا المثلية/الشذوذ سيسهل انتكاسها أمام زواج المحارم وغيرها.
أما لماذا هذا الدعم للفريق الإلحادي المادي فالمسألة تعود لأسباب سياسية واقتصادية، فالمادي الملحد الأصل فيه التخفيف من القيم استنادا لما يؤمن به، لأنها النتيجة الطبيعية للإلحاد، ثم تأتي النتيجة الثانية للإلحاد وهي خفة الإنسان وتفاهته، بحيث يصير سهلا في السوق، ويصير شيئا من أشياء السوق، ويسهل السيطرة عليه بالمادة، ويتحكم القوي مادياً بكل شيء، اختراق سهل للمجتمعات، توظيف سهل للعمالات، انتقال لعبادة المال ورب المال.
لم يعد الإلحاد شأناً فلسفياً خاصاً بل صار له مراكز دعم تهدف من ورائه لأبعاد سياسية واقتصادية، لقد تجاوزت تلك المراكز مسألة اعتبار الدين شأنا خاصاً إلى الهجوم عليه بشتى الوسائل حتى لو انتهكت حقوق المتدينين.